فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان هذا أمرًا إذا جرد النظر فيه عن كونه قد صار مألوفًا بهر العقول وحير الفهوم، أشار إليه بقوله مؤكدًا تنبيهًا مما هم فيه من الغفلة عنه، لافتًا الخطاب بعد الجمع إلى الإفراد تنبيهًا على دقة الأمر وأنه- وإن كان يظن أنه ظاهر- لا يفهمه حق فهمه غيره صلى الله عليه وسلم: {إن في ذلك} أي الأمر الهائل البديع الرفيع {لآيات} أي دلالات واضحات على ما له من صفات الكمال في عدم غرقه وفي سيرة إلى البلاد الشاسعة، والأقطار البعيدة، وفي كون سيره ذهابًا وإيابًا تارة بريحين، وأخرى بريح واحدة، وفي إنجاء أبيكم نوح عليه السلام ومن أراد الله من خلقه به وإغراق غيرهم من جميع أهل الأرض، وفي غير ذلك من شؤونه، وأموره وفنونه، ونعمه وفتونه وإن كان أكثر ذلك قد صار مألوفًا لكم فجهلتم أنه من خوارق العادات، ونواقض المطردات، وعلم من ختام التي قبلها أن المراد- بقوله جامعًا لجميع الإيمان الذي هو نصفان: نصف صبر، ونصف شكر، وذلك تمام صفة المؤمن مظهرًا موضع لك أو لكم- ما أفاد الحكم بكل من شاركه صلى الله عليه وسلم في الوصفين المذكورين: {لكل صبار} إدامة الفكر في هذه النعم واستحضارها في الشدة والرخاء، وأنها من عند الله، وأنه لا يقدر عليها سواه، والإذعان له في جميع ذلك، حفظًا لما دل عليه العقل من أخذ الميثاق بالشكر، وأن لا يصرف الحق إلى غير أهله، فيلزم عليه الإساءة إلى المحسن {شكور} عليه مبالغ في كل من الصبر والشكر، وعلم من صيغة المبالغة في كل منهما أنه لا يعرف في الرخاء من عظمة الله ما كان يعرفه في الشدة إلا من طبعهم الله على ذلك ووفقهم له وأعانهم عليه بحفظ العهد وترك النقض جريًا مع ما تدعو إليه الفطرة الأولى السليمة، وقليل ما هم، وقال الرازي في اللوامع: وكيفما كان فالصبر هو الثبات في مراكز العبودية، والشكر رؤية النعمة من المنعم الحق وصرف نعمه إلى محابّه.
ولما كانوا يسارعون إلى الكفر بعد انفصالهم من هذه الآية العظمية، وإلباسهم ههذ النعمة الجسيمة، التي عرفتهم ما تضمنته الآية السالفة من حقيته وحده وعلوه وكبره وبطلان شركائهم، أعرض عنهم وجه الخطاب لأنهم لم يرجعوا بعد الوضوح إيذانًا باستحقاق شديد الغضب والعذاب، فقال معجبًا عاطفًا على ما تقديره: وأما غير الصبار الشكور فلا يرون ما في ذلك من الآيات في حال رخائهم: {وإذا غشيهم} أي علاهم وهم فيها حتى صار كالمغطى لهم، لأنه منعهم من أن تمتد أبصارهم كما كانت {موج} أي هذا الجنس، ولعله أفرده لأنه لشدة اضطرابه وإيتانه شيئًا في أثر شيء متتابعًا بركب بعضه كأنه شيء واحد، وأصله من الحركة والازدحام {كالظلل} أي حتى كان كأطراف الجبال المظلمة لمن يكون إلى جانبها، وللإشارة إلى خضوعهم غاية الخضوع كرر الأسم الأعظم فقال: {دعوا الله} أي مستحضرين لما يقدر عليه الإنسان من كماله بجلاله وجماله، عالمين بجميع مضمون الآية السالفة من حقيته وعلوه وكبره وبطلان ما يدعون من دونه {مخلصين له الدين} لا يدعون شيئًا سواه بألسنتهم ولا قلوبهم لما اضطرهم إلى ذلك من آيات الجلال، وقسرهم عليه من العظمة والكمال، واقتضى الحال في سورة الحكمة حذف ما دعوا به لتعظيم الأمر فيه لما اقتضاه من الشدائد لتذهب النفس فيه كل مذهب.
ولما كان القتل بالسيف أسهل عندهم من أن يقال عنهم: إنهم أقروا بشيء هم له منكرون لأجل الخوف خوف السبة بذلك والعار حتى قال من قال: لولا أن يقال إني ما أسلمت إلا جزعًا من الموت فيسب بذلك بني من بعدي لأسلمت.
بين لهم سبحانه أنهم وقعوا بما فعلوا عند خوف الغرق في ذلك، وأعجب منه رجوعهم إلى الكفر عند الإنجاء، لما فيه مع ذلك من كفران الإحسان الذي هو عندهم من أعظم الشنع، فقال دالًا بالفاء على قرب استحالتهم وطيشهم وجهالتهم: {فلما نجّاهم} أي خلصهم رافعًا لهم، تنجية لهم عظيمة بالتدريج من تلك الأهوال {إلى البر} نزلوا عن تلك المرتبة التي أخلصوا فيها الدين، وتنكبوا سبيل المفسدين وانقسموا قسمين {فمنهم} أي تسبب عن نعمة الإنجاء وربط بها إشارة إلى أن المؤثر لهذا الانقسام إنما هو الاضطرار إلى الإخلاص في البحر والنجاة منهم أنه كان منهم {مقتصد} متكلف للتوسط والميل للإقامة على الطريق المستقيم، وهو الإخلاص في التوحيد الذي ألجأه إليه الاضطرار، وهم قليل- بما دل عليه التصريح بالتبعيض، ومنهم جاحد للنعمة ملق لجلباب الحياة في التصريح بذلك، وهو الأكثر- كما مضت الإشارة إليه ودل عليه ترك التصريح فيه بالتبعيض، وما يقتصد إلا كل صبار شكور، إما حالًا وإما مالًا {وما يجحد} وخوّف الجاحد بمظهر العظمة التي من شأنها الانتقام، فقال صارفًا القول إليه: {بآياتنا} أي ينكرها مع عظمها ولاسيما بعد الاعتراف بها {إلا كل ختار} أي شديد الغدر عظيمه لما نقض من العهد الهادي إليه العقل والداعي إليه الخوف {كفور} أي عظيم الكفر لإحسان من هو متقلب في نعمه، في سره وعلنه، وحركاته وسكناته، ولا نعمة إلا وهي منه، ومن هنا جاءت المبالغة في الصفتين، وعلم أنهما طباق ومقابلة لختام التي قبلها، وأن الآية من الاحتباك: دل ذكر المقتصد أولًا على {ومنهم جاحد} ثانيًا، وحصر الجحود في الكفور ثانيًا على حصر الاقتصاد في الشكور أولًا، قال البغوي: قيل: نزلت في عكرمة بن أبي جهل حين هرب رضي الله عنه عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف- يعني: فقال الركاب على عادتهم: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئًا فقال عكرمة رضى الله عنه: لئن أنجاني الله من هذا لأرجعن إلى محمد ولأضعن يدي في يده فسكنت الريح، فرجع عكرمة رضي الله عنه إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه، وقال مجاهد: مقتصد في القول مضمر للكفر، وقال الكلبي: مقتصد في القول أي من الكفار، لأن بعضهم كان أشد قولًا وأعلى في الافتراء من بعض. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرى في البحر بنعْمَت الله ليُريَكُمْ مّنْ ءاياته}.
لما ذكر آية سماوية بقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُولجُ الليل في النهار وَيُولجُ النهار في الليل وَسَخَّرَ الشمس والقمر} [لقمان: 29] وأشار إلى السبب والمسبب ذكر آية أرضية، وأشار إلى السبب والمسبب فقوله: {الفلك تَجْرى} إشارة إلى المسبب وقوله: {بنعْمَت الله} إشارة إلى السبب أي إلى الريح التي هي بأمر الله {ليُريَكُمْ مّنْ ءاياته} يعنى يريكم بإجرائها بنعمته {مّنْ ءاياته} أي بعض آياته، ثم قال تعالى: {إنَّ في ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} صبار في الشدة شكور في الرخاء، وذلك لأن المؤمن متذكر عند الشدة والبلاء عند النعم والآلاء فيصبر إذا أصابته نقمة ويشكر إذا أتته نعمة وورد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر» إشارة إلى أن التكاليف أفعال وتروك والتروك صبر عن المألوف كما قال عليه الصلاة والسلام: «الصوم صبر والأفعال شكر على المعروف».
{وَإذَا غَشيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَل دَعَوُا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ}.
لما ذكر الله أن في ذلك لآيات ذكر أن الكل معترفون به غير أن البصير يدركه أولا ومن في بصره ضعف لا يدركه أولا، فإذا غشيه موج ووقع في شدة اعترف بأن الكل من الله ودعاه مخلصًا أي يترك كل من عداه وينسى جميع من سواه، فإذا نجاه من تلك الشدة قد بقي على تلك الحالة وهو المراد بقوله: {فَمنْهُمْ مُّقْتَصدٌ} وقد يعود إلى الشرك وهو المراد بقوله: {وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا إلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قوله: {مَّوْجٌ كالظلل} وحد الموج وجمع الظلل، وقيل في معناه كالجبال، وقيل كالسحاب إشارة إلى عظم الموج، ويمكن أن يقال الموج الواحد العظيم يرى فيه طلوع ونزول وإذا نظرت في الجرية الواحدة من النهر العظيم تبين لك ذلك فيكون ذلك كالجبال المتلاصقة.
المسألة الثانية:
قال في العنكبوت {فَإذَا رَكبُوا في الفلك دَعَوُا الله} ثم قال: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلَى البر إذَا هُمْ يُشْركُونَ} [العنكبوت: 65] وقال هاهنا {فَلَمَّا نجاهم إلَى البر فَمنْهُمْ مُّقْتَصدٌ} فنقول لما ذكر هاهنا أمرًا عظيمًا وهو الموج الذي كالجبال بقي أثر ذلك في قلوبهم فخرج منهم مقتصد أي في الكفر وهو الذي انزجر بعض الانزجار، أو مقتصد في الإخلاص فبقي معه شيء منه ولم يبق على ما كان عليه من الإخلاص، وهناك لم يذكر مع ركوب البحر معاينة مثل ذلك الأمر فذكر إشراكهم حيث لم يبق عنده أثر.
المسألة الثالثة:
قوله: {وَمَا يَجْحَدُ بئاياتنا} في مقابلة قوله تعالى: {إنَّ في ذَلكَ لاَيَاتٍ} [لقمان: 31] يعني يعترف بها الصبار الشكور، ويجحدها الختار الكفور والصبار في موازنة الختار لفظًا، ومعنى والكفور في موازنة الشكور، أما لفظًا فظاهر، وأما معنى فلأن الختار هو الغدار الكثير الغدر أو الشديد الغدر، والغدر لا يكون إلا من قلة الصبر، لأن الصبور إن لم يكن يعهد مع أحد لا يعهد منه الأضرار، فإنه يصبر ويفوض الأمر إلى الله وأما الغدار فيعهد ولا يصبر على العهد فينقضه، وأما أن الكفور في مقابلة الشكور معنى فظاهر. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْري في الْبَحْر بنعْمَة اللَّه} يحتمل وجهين:
أحدهما: برحمة الله لكم في خلاصكم منه.
الثاني: بنعمة الله عليكم في فائدتكم منه.
{ليُريَكُم مّنَ ءَايَاته} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني جري السفن فيه، قاله يحيى بن سلام، وقال الحسن: مفتاح البحار السفن، ومفتاح الأرض الطرق، ومفتاح السماء الدعاء.
الثاني: ما تشاهدونه من قدرة الله فيه، قاله ابن شجرة.
الثالث: ما يرزقكم الله منه، قاله النقاش.
{لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} فيه وجهان:
أحدهما: صبَّار على البلوى شكور على النعماء.
الثاني: صبَّار على الطاعة شكور على الجزاء.
قال الشعبي: الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، ألم تر إلى قوله: {إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} وإلى قوله: {إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ للْمُوقنينَ}.
قوله تعالى: {وَإذَا غَشيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَل} فيه وجهان:
أحدهما: كالسحاب، قاله قتادة.
الثاني: كالجبال، قاله الحسن ويحيى بن سلام.
وفي تشبيهه بالظل وجهان:
أحدهما: لسواده، قاله أبو عبيدة.
الثاني: لعظمه.
{دَعَوُا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ} يعني موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه.
{فَلَمَّا نَجَّاهُم إلَى الْبَرّ} يعني من البحر.
{فَمنْهُم مُّقْتَصدٌ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه عَدل في العهد، يفي في البر بما عاهَد الله عليه في البحر، قاله النقاش.
الثاني: أنه المؤمن المتمسك بالتوحيد والطاعة، قاله الحسن.
الثالث: أنه المقتصد في قوله وهو كافر، قاله مجاهد.
{وَمَا يَجْحَدُ بئَايَاتنَآ إلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الجاحد، قاله عطية.
الثاني: وهو قول الجمهور أنه الغدار، قال عمرو بن معدي كرب:
فإنك لو رأيت أبا عمير ** ملأت يديك من غدرٍ وختر

وجحد الآيات إنكار أعيانها والجحد بالآيات دلائلها. اهـ.

.قال ابن عطية:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْري في الْبَحْر بنعْمَت اللَّه ليُريَكُمْ منْ آيَاته}.
الرؤية في قوله: {ألم تر} رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع، و{الفلك} جمع وواحد بلفظ واحد، وقرأ موسى بن الزبير {الفلُك} بضم اللام، وقوله: {بنعمة الله} يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات، فالباء للأرزاق، ويحتمل أن يريد الريح وتسخير الله البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب، وقرأ الجمهور {بنعمة} وقرأ الأعرج ويحيى بن يعمر {بنعمات} على الجمع، وقرأ ابن أبي عبلة {بنَعمات} بفتح النون وكسر العين، وذكر تعالى من صفة المؤمن الصبار والشكور لأنهما عظم أخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعلى الشهوات، والشكر على الضراء والسراء، وقال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله. وغشي غطى، أو قارب، والظلل السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية الظلال ومنه قول النابغة الجعدي يصف البحر: الوافر:
يماشيهن أخضر ذو ظلال ** على حافاته فلق الدنان

ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن الأوثان والأصنام لا شرك لها فيه ولا مدخل وقوله تعالى: {فمنهم مقتصد} قال الحسن منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم.
وقال مجاهد: يريد {فمنهم مقتصد} على كفره أي منهم من يسلم الله ويفهم نحو هذا من القدرة وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ونشأته، والختّار القبيح الغدر وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن الختر قول عمرو بن معدي كرب: الوافر:
وإنك لو رأيت أبا عمير ** ملأت يديك من غدر وختر

وقال الحسن: الختار هو الغدار، و{كفور} بناء مبالغة. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك} أي السفن {تَجْري} في موضع الخبر.
{في البحر بنعْمَة الله} أي بلطفه بكم وبرحمته لكم في خلاصكم منه.
وقرأ ابن هُرمُز: {بنعمات الله} جمع نعمة وهو جمع السلامة، وكان الأصل تحريك العين فأسكنت.
{ليُريَكُمْ مّنْ آيَاته} من للتبعيض، أي ليريكم جري السفن؛ قاله يحيى بن سلام.
وقال ابن شجرة: {منْ آيَاته} ما تشاهدون من قدرة الله تعالى فيه.
النقاش: ما يرزقهم الله منه.
وقال الحسن: مفتاح البحار السفن، ومفتاح الأرض الطرق، ومفتاح السماء الدّعاء.
{إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} أي صبّار لقضائه شكور على نعمائه.
وقال أهل المعاني: أراد لكل مؤمن بهذه الصفة؛ لأن الصبر والشكر من أفضل خصال الإيمان.
والآية: العلامة، والعلامة لا تستبين في صدر كل مؤمن إنما تستبين لمن صبر على البلاء وشكر على الرخاء.
قال الشّعْبيّ: الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله؛ ألم تر إلى قوله تعالى: {إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} وقوله: {وَفي الأرض آيَاتٌ لّلْمُوقنينَ} [الذاريات: 20] وقال عليه السلام: «الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر».